|
|
هل الشهادة الجامعية كافية لبدء حياة مهنية ناجحة في الترجمة؟ بعد 20 عاماً في هذا المجال، أستطيع أن أقول بثقة: الجامعة تمنحك “الرخصة”، لكن “السوق” هو الذي يعلمك القيادة. في هذا المقال، أشارككم “فضفضة” من القلب وذكريات حقيقية عن الفجوة بين نظريات المحاضرات وصدمات الواقع: من رعب “أول عميل” ومعضلة التسعير، إلى مفاجأة “الكات تولز” والدرس القاسي لفقدان بياناتي. هذه خلاصة تجربة، ورسالة لكل خريج جديد يشعر بالحيرة: “أنت لست وحدك، وهذا هو الطريق الصحيح”.
أذكر جيداً تلك اللحظة التي تسلمت فيها شهادة التخرج. كان فيها مزيج من الفخر، والشعور بأنني “أعرف كل شيء” عن اللغة والترجمة، وانتظار أن يفتح لي العالم أبوابه. دلوقتي، بعد عشرين سنة غطس في المجال ده، كل ما أفتكر اللحظة دي أبتسم. ابتسامة فيها حنين، وفيها برضه شفقة لطيفة عليّ “أنا” بتاع زمان.
بشوف نفس الحيرة دي في عيون الخريجين الجدد النهارده. بييجوا بنفس الحماس، وبنفس السؤال الخايف: “معايا الشهادة، طب… وبعدين؟”.
لو هلخص عشرين سنة في نصيحة واحدة، هقول إن الجامعة بتديك “رخصة سواقة” نظرية، لكنها مش بتعلمك أبداً تتعامل مع “زحمة الشارع” على أرض الواقع.
اللي محدش قالهولي في قاعة المحاضرات، إن العميل مش هيسألك عن “نظريات فيناي وداربلنيه”. العميل هيسألك: “عندك كام سنة خبرة؟”، “بكام الكلمة؟”، “بتسلم امتى؟”. في البداية، كنت بترجم على الوورد العادي، وقدامي قاموس المورد وقاموس أكسفورد الضخم، وكنت بقضي ساعات في صفحة واحدة. الجامعة كانت مركزة على “فلسفة” اللغة، بينما السوق كان عايز “حد ينجز الشغل بسرعة وبجودة”.
ثم جاءت “الكات تولز”
وبعدها بشوية، ظهرت الكات تولز زي ترادوس وغيره. دي كانت صدمة تانية خالص. وفيها شعور ما بين هنسيب الترجمة بالقواميس ونعتمد على برنامج يشتغل مكاننا ويشل تفكيرنا مع الوقت؟! بس في الحقيقة أعتقد إن معظم المترجمين من جيلي كانوا في نفس المركب يعني.
ولكن مع الانتشار وزيادة طلب الشركات للشغل على الأدوات دي، مبقاش المهم بس بتترجم إزاي، بقى المهم بتستخدم “برنامج” إيه. أول ما بدأت أتعلم ترادوس (صاحب المشاكل التقنية الأول) كان زي ما أكون بتعلم لغة تالتة. البرنامج كان معقد، والتدريبات قليلة، ومحدش كان فاهم إزاي ينقل خبرته من النظام الجديد ده وإليه. ولكن مع الوقت، اكتشفت إن الأدوات دي مش بس بتوفر وقت، لكنها كمان بتخليك “تنافس” في السوق.
بالمناسبة بعد التمرس في الكات تولز -وكان ميمو كيو المحبب إلى قلبي- كونت من شغلي ذواكر ترجمة تزيد عن مليون كلمة بفضل الله. لكن مع الأسف مكنتش عندي ثقافة النسخ الاحتياطي واتحرق هارد اللابتوب وخسرت كل الشغل القديم بتاعي.
معضلة “أول عميل”. إيه الرعب ده يا جدعان! الرعب مكنش من الترجمة نفسها، أنا واثق من لغتي، الرعب كان من “الفاتورة”. أحط سعر إزاي؟ طب لو سعري كان غالي أوي العميل هيطفش؟ طب لو كان رخيص أوي هيحس إني “أي كلام” ومليش فيها؟ وطبعا ده غير الخوف إن العميل يطلع نصاب وميدفعش.
طبعا الشعور ده مش بيروح 100%، حتى بعد عشرين سنة، بس الفرق الوحيد إن الخبرة والمواقف بتجمد قلبك.
الحاجة التانية اللي اتعلمتها في السوق، هي إني مش “مترجم” وبس. لأ. أنا “شركة” قايمة بذاتها. أنا اللي بسوّق لنفسي، وأنا اللي بفاصل في الفلوس (بكل شياكة طبعاً)، وأنا “بتاع الـ IT” اللي بيصلح الملفات اللي بتبوظ وبيحل مشاكل ترادوس اللي مكنتش بتنتهي زمان. بحس أحياناً إن 80% من وقتي رايح في الإدارة والرغي مع العملاء، و20% بس في الترجمة.
عشان كده، بقول لكل خريج جديد حاسس بالفجوة دي أهلاً بيك، أنت في بداية الطريق الصحيحة. الفجوة دي مش فشل منك، ومش تقصير من الجامعة بالضرورة برده. دي ببساطة مساحة التعلم الحقيقية. الجامعة بتديك الأساس، والسوق هو اللي بيبني فوقه. بصراحة متخجلش إنك تسأل، ومتخافش تبان إنك مش عارف حاجة معينة، ومتترددش تقضي ساعات في البحث قبل ما تترجم جملة واحدة.
إحنا مخترناش مهنة نقل الأفكار والكلمات ولبس عباية الكاتب اللي بنترجم له، إحنا اخترنا مهنة “التعلم المستمر” أو بمعنى تاني الشغلانة اللي مبتخلصش مذاكرة. والفجوة اللي أنت شايفها دي هي ملعبك اللي هتتدرب فيه كل يوم.
وبما إني وجهت نصيحة للشباب الجديد فبرده مش عاوز أفوت الفرصة وأقول إن متاح حاليا فرصة تدريب مجانية تماما على الترجمة لشخص أو اتنين من الخرجين الجدد. والتدريب هيكون في مكتب لوكاليزيشن أرينا للترجمة المعتمدة في دمنهور.
لا تتردد في التواصل معنا عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني للحصول على خدمات الترجمة المعتمدة التي تحتاجها. نحن هنا لخدمتك وضمان تقديم أعلى مستويات الجودة في الترجمة.
تواصل معنا إذا كنت تبحث عن ترجمة معتمدة أو مكتب ترجمة معتمد في دمنهور.
ابدأ الآن واجعل مستنداتك جاهزة للاستخدام الرسمي في أي مكان حول العالم!
WhatsApp us - راسلنا عبر واتساب
